الخميس، 27 يناير 2011

كل الصحفيين وأولهم النقيب عضويتهم باطلة في نقابة الصحفيين



بقلم : سعيد شعيب
القانون يشترط موافقة ومباركة الاتحاد الاشتراكي ووزارة الإرشاد القومي
عجائب القانون رقم 76 لسنة 1970:
1- هدف النقابة نشر الفكر الاشتراكي والقومي
يجري نشاط النقابة في إطار السياسة العامة للاتحاد الاشتراكي
لابد من موافقة الاتحاد الاشتراكي ووزارة الإرشاد على منح العضوية
ليس من حق احد مزاولة المهنة دون موافقة الاتحاد الاشتراكي
وزارة الإرشاد عضو أساسي في لجنة تأديب الصحفيين
ممنوع الترشح لعضوية المجلس والنقيب لغير أعضاء الاتحاد الاشتراكي
من حق وزير الإرشاد حل المجلس بقرار جمهوري
وحتى هذا القانون العجيب يخالفون:
1- اعدموا جدول الانتساب رغم وجوده في القانون
القانون لا يشترط عقد عمل للالتحاق بالنقابة
الالتحاق بجدول تحت التمرين يتم بمجرد إبلاغ النقابة فقط لا غير
يتجاهلون نص القانون على إسقاط عضوية من يتغيب من أعضاء المجلس ثلاث جلسات
القانون يشترط عدم منح العضوية لمُلاك الصحف أو حتى المساهمين فيها لن يصدق الكثير من الزملاء هذا العنوان وسيعتبره البعض من مبالغات الإثارة التي تهواها الصحف وخاصة هذه الأيام. ولكنها للأسف الحقيقة فالقانون 76 لسنة 1970 الذي بدأ العمل به في 17-9-1970 وما زال يحكم عمل نقابة الصحفيين حتى الآن، يضعها بالكامل تحت هيمنة الاتحاد الاشتراكي ووزارة الإرشاد القومي، نعم الاتحاد الاشتراكي ووزارة الإرشاد القومي. ولأن الكيانان أصبحا في ذمة التاريخ، فالمنطقي بناء على ذلك أن هذا القانون باطل دستورياً وخاصة بعد التعديلات الدستورية الأخيرة. ومن الطبيعي في هذه الحالة أن تكون عضوية كل الصحفيين باطلة في نقابتهم، أولا لأنهم ليسوا أعضاء في الاتحاد الاشتراكي وثانيا لأنه لم يوافق على عضويتهم كما ينص هذا القانون العجيب.
فطبقا لهذا القانون وكما جاء في بدايته نصاً:
تستهدف النقابة:
أ – العمل على نشر وتعميق الفكر الاشتراكي والقومي بين أعضائها وتنشيط الدعوة إليه في داخل المؤسسات الصحفية وبين جمهور القراء وكذلك تنشيط البحوث الصحفية وتشجيع القائمين بها ورفع المستوى العلمي والفكري لأعضاء النقابة.
و"تنتهي هذه الفقرة التي تحدد الأهداف ب " ويجرى نشاط النقابة في إطار السياسة العامة للاتحاد الاشتراكي العربي"".
وقد يرى البعض أن هذا القانون كان نتاجا طبيعيا في زمنه، زمن الاتحاد الاشتراكي، وهذا غير صحيح، لأنه حتى في هذا الزمان ليس طبيعياً أن يصدر قانون ينفى عن النقابة كونها نقابة، بل ويحولها إلى وحدة من وحدات الاتحاد الاشتراكي، حزب السلطة. وينفى عنها كونها تجمع مهني وليس سياسي، تجمع مهني يضم كل الألوان السياسية والأطياف الفكرية ودور النقابة الطبيعي في الدنيا كلها هو الدفاع عن حق أعضائها في الانتماء لأي أفكار .. ثم إذا كان هذا القانون يشكل وقت صدوره وتنفيذه 1970هدم للكيان النقابي، فبماذا نصف استمراره حتى الآن ونحن في عام 2007 ؟!!
المادة الرابعة في هذا القانون تنص في الفقرة (د) على أن جدول الصحفيين تحت التمرين
ويعهد بالجدول والجداول الفرعية إلى لجنة القيد المنصوص عليها في المادة 13 من هذا القانون. وتودع اللجنة المذكورة نسخة من هذه الجداول في الاتحاد الاشتراكي العربي ووزارة الإرشاد القومي.(!!)
والمادة 13 تنص على تشكل لجنة لقيد الصحفيين في جداول النقابة من وكيل النقابة               رئيسا وأثنين من أعضاء مجلس النقابة ويختارهما المجلس وترسل اللجنة قبل انعقادها بثلاثين يوما على الأقل بيانها بأسماء طالبي القيد إلى الاتحاد الاشتراكي العربي، ووزارة الإرشاد القومي لإبداء الرأي فيها خلال أسبوعين من تاريخ وصول البيان إليها. فإذا لم تبد الجهتان المذكورتان رأيهما خلال هذه المدة بتت اللجنة في الطلب.
والمادة 65 تنص على أنه لا يجوز لأي فرد أن يعمل في الصحافة ما لم يكن اسمه مقيدا في جدول النقابة بعد حصوله على موافقة من الاتحاد الاشتراكي العربي.
أي أنه وبقوة القانون لابد أن توافق الجهتان الاتحاد الاشتراكي ووزارة الإرشاد القومي مرة أخرى على القيد !!
ليس هذا فقط ولكن المادة 16 تنص "على مجلس النقابة أن يبلغ الاتحاد الاشتراكي العربي ووزارة الإرشاد القومي  قرارات اللجان المنصوص عليها في المواد 13 ، 14  ، 81 ،82 ، من هذا القانون وذلك خلال أسبوعين من صدورها، كما في جدول النقابة الذين يتقرر نقل أسمائهم من جدول فرعى إلى آخر.
أي لابد أن توافق الجهتان أيضا على قرارات اللجان وهي لجان القيد المكونة من وكيل المجلس واثنين من الأعضاء وعلى الهيئة التأديب ابتدائية والتي تنص على أن تتكون من عضوين يختارهما المجلس من بين أعضائه، وأحد  النواب بإدارة الفتوى والتشريع لوزارة الإرشاد القومي. وتكون رئاسة هذه الهيئة لأقدم العضوين قيدا ما لم يكن أحدهما عضوا في  هيئة مكتب مجلس النقابة فتكون له رئاستها.
وترفع الدعوى أمام هذه الهيئة يناء على قرار من مجلس النقابة أو من مجلس النقابة الفرعية أو النيابة العامة أو من وزير الإرشاد القومي.
إذن فإلى هذه الدرجة تتداخل وزارة الإرشاد والاتحاد الاشتراكي أو بمعنى أدق يسيطران على العمل النقابي.
كما أن من حق وزير الإرشاد طبقا للمادة 20 أن يطلب من لجنة القيد في النقابة (أكرر في النقابة) نقل اسم العضو الذي ترك العمل في الصحافة إلى جدول غير المشتغلين. ويعلن بهذا الطلب وله أن يبدى دفاعه أمام اللجنة المذكورة.
المادة 37 من ذات القانون تشترط فيمن يرشح نفسه لمركز النقيب أو عضوية مجلس النقابة أن يكون عضوا عاملا في الاتحاد الاشتراكي العربي. والمادة تنص على أن يخطر مجلس النقابة لاتحاد الاشتراكي العربي  ووزير الإرشاد القومي بنتيجة انتخاب أعضاء مجلس النقابة والنقيب وبقرارات الجمعية العمومية خلال أسبوع من تاريخ صدورها.
إذن هل هو فقط مجرد إخطار بالطبع لا، فالمادة 62 تنص على أن لوزير الإرشاد القومي الحق في أن يطعن في تشكيل الجمعية العمومية وتشكيل مجلس النقابة، وله كذلك حق الطعن في القرارات الصادرة من الجمعية العمومية.
هل هناك تأميم ومصادرة أكثر من ذلك لنقابة الصحفيين في ذلك العهد .. ولماذا لا يسعى القائمون على النقابة (مؤيدون ومعارضون) لأن يغيروا هذه المهزلة؟!!
الحقيقة أنها أكبر من مهزلة فطبقاً للمادة 64 "إذا خرج مجلس النقابة على الأهداف المنصوص عليها المادة الثالثة ، أو الاختصاصات المنصوص عليها في  المادة السابعة والأربعين أو خالف الإجراءات المنصوص عليها في  المادة الثانية والثلاثين، فلوزير الإرشاد القومي أن يستصدر قرارا من رئيس الجمهورية بحل مجلس النقابة وفي هذه الحالة تؤلف لجنة مؤقتة ، وفي هذه الحالة تولف لجنة مؤقتة من:
- رئيس محكمة استئناف القاهرة، النائب العام رئيسا
- وكيل وزارة الإرشاد القومي أو من ينيبه وزيرها اثنين من أعضاء النقابة يختارهما وزير الإرشاد القومي  أعضاء وتقوم هذه اللجنة بدعوة الجمعية العمومية خلال أسبوعين من تاريخ الحل، وقفا للإجراءات المنصوص عليها في  المادة الثانية والثلاثين وذلك لانتخاب مجلس جديد.
وإلى أن ينتخب المجلس الجديد تتولى اللجنة المذكورة المحافظة على أموال النقابة وتصريف شئونها.
وأظن أن هذا هو الأساس القانوني الذي أتاح للحكومات السابقة فرض الحراسة على نقابة المحامين والمهندسين وهو الأساس القانوني أيضاً الذي يبيح لأي حكومة حالية أو في المستقبل لأن تفرض الحراسة على نقابة الصحفيين .. فلماذا يصمت المعارضون والمؤيدون على ذلك؟!
يصل التدخل الحكومي إلى درجة مفزعة، فالمادة 81 تنص أن تشكل هيئة تأديب ابتدائية تتكون من عضوين يختارهما المجلس من بين أعضائه، وأحد النواب بإدارة الفتوى والتشريع لوزارة الإرشاد القومي. وتكون رئاسة هذه الهيئة لأقدم العضوين قيدا ما لم يكن أحدهما عضوا في  هيئة مكتب مجلس النقابة فتكون له رئاستها. وترفع الدعوى أمام هذه الهيئة يناء على قرار من مجلس النقابة أو من مجلس النقابة الفرعية أو النيابة العامة أو من وزير الإرشاد القومي. ويتولى رئيس لجنة التحقيق توجيه الاتهام أمام الهيئة التأديبية.
أي هناك موظف تحت أمرة وزير الإرشاد يتدخل في شئون العمل النقابي.
بالتأكيد أن الأمر لا يحتاج إلى تعليق وتغيير القانون لا يحتاج إلى حجة، وربما هذا ما استشعره النقيب وقتها الأستاذ كامل زهيري ومعه السكرتير العام  الأستاذ الراحل صلاح الدين حافظ وعبرا عنه بشكل غير مباشر. فقالوا في مقدمة القانون الذي طبعته النقابة "أن صدور القانون ليس هو الغاية والهدف، وليس هو خاتمة المطاف لجهد سبق، لكنه وسيلة لتحقيق أهداف الصحفيين وحفظ حقوقهم وأداء واجبهم بالشكل السليم،وصدوره الآن هو بداية جهد أكبر لتطبيقه نصا وروحا.. ذلك إيمان المجلس وهو هدفه وطريقه، ويرجو أن يستمر هدفا لكل مجلس قادم.
وأن تحقيق ذلك يستدعى جهد كل الصحفيين ويتطلب وحدتهم.. ومن خلال "وحدة كل الصحفيين" ينبغي التحرك لتطبيق القانون الجديد، ووضع اللوائح الداخلية التي يجب أن تصاحب القانون لتكون عونا له وتفسيرا".
ولكن للأسف المجالس المتعاقبة والنقباء المتعاقبين لم يقتربوا من هذا الملف والمدهش الاتفاق الغريب بين المحسوبين على الحكومة أو المعارضة طوال 37 عاماً على عدم طرح تغيير هذا القانون البائس والمضحك .. فما سبب يا ترى هذا الإجماع العجيب؟!!
بل وهذه المجالس المتعاقبة لم تكتف بذلك، بل خالفت بعض مواد هذا القانون العجيب، فعلى سبيل المثال تم إلغاء جدول المنتسبين وهو جدول أساسي مثل جدول تحت التمرين وجدول المشتغلين وجدول غير المشتغلين. وكان الاستثناء الوحيد هو قيام الأستاذ العزيز رجائي الميرغني رئيس لجنة القيد السابق الذي بذل جهداً رهيباً لتفعيله في الدورة الماضية ولكنهم قتلوه هذه الدورة . فالمادة 12 تنص على حق الانضمام لجدول المنتسبين للفئات الآتية :
أ  ـ الصحفيين العرب في الجمهورية العربية المتحدة الذين يعملون في صحف تصدر فيها أو وكالات أنباء تعمل فيها متى توافرت الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة عدا شرط  جنسية الجمهورية العربية المتحدة.
ب ـ الصحفيين الأجانب المقيمين في الجمهورية العربية المتحدة والذين يعملون في صحف تصدر فيها أو في وكالات أنباء تعمل فيها متى توافرت فيهم الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة عدا شرط جنسية الجمهورية العربية المتحدة.
ج ـ الذين يسهمون مباشرة في أعمال الصحافة متى توافرت بالنسبة إليهم الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة عدا شرط احتراف المهنة.
ولم تعطل وتخالف المجالس المتعاقبة هذه المادة فقط ولكنها حتى رفضت أن تطبقها حتى على الذين يمارسون المهنة ولكنهم لا يملكون عقد عمل!!
المخالفة الأكبر هي في شروط القيد، فالمجالس المتعاقبة (محسوبين على الحكومة أو المعارضة) تشترط عقد العمل وهذا غير موجود في القانون. فالمادة  5 تقول:
يشترط لقيد الصحفي  في جدول النقابة والجداول الفرعية:
أ ـ أن يكون صحفيا محترفا غير مالك لصحيفة أو وكالة أنباء تعمل في الجمهورية العربية المتحدة أو شريك في ملكيتها أو مسهم في رأس مالها.
ب ـ أن يكون من مواطني الجمهورية العربية المتحدة.
ج ـ أن يكون حسن السمعة لم يسبق الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو تقرر شطب اسمه من الجدول لأسباب ماسة بالشرف أو الأمانة.
د ـ أن يكون حاصلا عن مؤهل دراسي عال.
وتعرف المادة 6 الصحفي المحترف بما يلي: يعتبر صحفيا مشتغلا:
أ ـ من باشر بصفة أساسية ومنتظمة مهنة الصحافة في صحيفة يومية أو دورية تطبع في الجمهورية العربية المتحدة أو وكالة أنباء مصرية أو أجنبية تعمل فيها، وكان يتقاضى عن ذلك أجرا ثابتا بشرط ألا يباشر مهنة أخرى.
ب ـ المحرر المترجم والمحرر المراجع والمحرر الرسام والمحرر المصور والمحرر الخطاط بشرط أن تنطبق عليهم أحكام المادتين الخامسة والسابعة من هذا القانون عند القيد.
ج ـ المراسل إذا كان يتقاضى مرتبا ثابتا سواء كان يعمل في الجمهورية العربية المتحدة أو في الخارج بشرط ألا يباشر مهنة أخرى غير إعلامية وتنطبق عليه المادتان الخامسة والسابعة عند القيد.
إذن لا يوجد نص صريح بعقد العمل، ولكن القانون يشترط إثبات هذه العلاقة فقط لا غير بأية طريقة.. ليس هذا فقط ولكن القانون لا يشترط بوضوح عقد العمل للالتحاق بجدول تحت التمرين. فالمادة  9  تنص  أنه على الصحفي  تحت التمرين أن يبلغ (مجرد إبلاغ) النقابة عن محل إقامته واسم الصحيفة أو وكالة الأنباء التي التحق للتمرين فيها وعن كل تغيير يحدث في هذه البيانات.
إذن هو الإبلاغ فقط لا غير وليس عقد عمل.. وبالتالي لا يصبح الصحفي منتحل صفة لأنه بالفعل تقيد في جدول تحت التمرين .. وبعد مرور عام لخريج كلية الإعلام وعامين لخريجي  الكليات الأخرى من عمل منتظم ومكافأة ثابتة (ليس مطلوباً أيضا عقد عمل) .. فلماذا يصر المهيمنون على النقابة من المؤيدين أو المعارضين على مخالفة القانون أو على الأقل يفسرون بطريقة منحرفة ومتعسفة؟؟!!
فالمادة 7 تنص على أن طالب القيد في جدول الصحفيين المشتغلين أن يكون قد أمضى مدة التمرين بغير انقطاع وكان له نشاط صحفي ظاهر خلالها، وأن يرفق بطلب القيد شهادة مفصلة عن نشاطه في الصحيفة أو وكالة الأنباء التي أمضى فيها مدة التمرين.
والمادة 8 تقول: على الصحفي  تحت التمرين أن يمضى مدة التمرين في إحدى دور الصحف التي تصدر في الجمهورية العربية المتحدة أو وكالة  من وكالات الأنباء التي يعمل فيها. ويجوز بترخيص خاص من مجلس النقابة قضاء مدة التمرين في الصحف ووكالات الأنباء في الخارج.
ولا تتوقف حدود مخالفة القانون عند هذه المواد. فالمادة 50 تقول:
يجتمع مجلس النقابة مرة كل شهر على الأقل بدعوة من النقيب أو بناء على طلب ثلاثة من أعضائه كتابة، ولا يعتبر الاجتماع صحيحا إلا إذا حضره سبعة من أعضائه على الأقل، وتصدر قراراته بالأغلبية المطلقة، وإذا تساوت الأصوات رجح الرأي الذي منه النقيب أو من يحل محله. والمادة 51 تقول:
لمجلس النقابة أن يقرر إسقاط عضويته عمن تغيب عن جلساته ثلاث مرات متوالين يغير عذر مقبول، وذلك بعد إخطار العضو المتغيب بالحضور لسماع  أقواله.
ولكن هذا بالطبع لا يحدث، فلم نسمع عن إسقاط عضوية عضو مجلس لأنه تغيب شهوراً، فهل يجاملون بعضهم البعض على حساب القانون؟!
ناهيك عن مخالفة أخرى .. فالمادة  5 تقول بوضوح لا يحتمل اللبس :
يشترط لقيد الصحفي  في جدول النقابة والجداول الفرعية:
أ ـ أن يكون صحفيا محترفا غير مالك لصحيفة أو وكالة أنباء تعمل في الجمهورية العربية المتحدة أو شريك في ملكيتها أو مساهماً في رأس مالها.
ولكن مجالس النقابة المتعاقبة معارضين وحكوميين توافق وتبصم بالعشرة على أن يكون مًلاك الصحف أو ممثليهم ليس فقط أعضاء في النقابة، نقابة الأجراء، ولكنهم أيضا يصبحون أعضاء مجلس، بل ونقباء، أي يتحول الخصم إلى حكم، فلماذا تسكت عنهم المجالس المتعاقبة، في حين تتعسف ضد الصحفيين الفقراء الذين يريدون الانضمام لنقابتهم؟!!  
                







ميثاق الشرف الصحفي



جمهورية مصر العربية

المجلس الأعلى للصحافة

ميثاق الشرف الصحفي الذي وافق المجلس الأعلى للصحافة على إصداره بتاريخ 26 /3/1998

نحن الصحفيين المصريين أسرة مهنية واحدة، تستمد كرامتها من ارتباطها بضمير الشعب، وتكتسب شرفا من ولائها للحقيقة، وتمسكها بالقيم الوطنية والأخلاقية للمجتمع المصري..

وتأكيدا لدور الصحافة المصرية الرائد على امتداد تاريخنا الحديث، في الدفاع عن حرية الوطن واستقلاله وسيادته، والذود عن حقوقه ومصالحه وأهدافه العليا، والإسهام في حماية مكتساب الشعب وحرياته العامة، وفي مقدمتها حرية الصحيفة والرأي والتعبير والنشر..

وإيمانا منا، بأن تعزيز هذه الحريات وصيانتها، ضمانة لا غنى عنها لدفع المسار الديمقراطي، الذي يتأكد به سلامة البناء الوطني، وتتحقق من خلال كافة أشكال التطوير السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بلادنا..

واتساقا مع مبادئ الدستور ونصوصه التي كفلت للصحافة والصحفيين أداء رسالتهم بحرية وفي استقلال، تعبيرا عن اتجاهات الرأي العام في إطار المقومات الأساسية للمجتمع..

وارتباطا بالأهداف والحقوق والالتزامات السامية، لرسالة الصحافة، التي  تضمنتها المواثيق الدولية وعلى وجه الخصوص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

واعترافا بحق القارئ، في صحافة موضوعية، تعكس بأمانة وصدق نبض الواقع، وحركة الأحداث، وتعدد الآراء، وتصون حق كل مواطن في التعقيب على ما ينشره الصحفي وعدم استغلاله في التشهير أو الابتزاز أو الافتراء أو الإساءة الشخصية.

وإدراكا منا، لواجبات الزمالة، وما تحتمه من علاقات مهنية نزيهة  تحفظ لكل صاحب حق حقه دون ضغط أو إكراه أو تمييزا أو تجريح بين أفراد الأسرة الواجدة ورؤساء كانوا أم مرؤوسين..

نعلن التزامنا بهذا الميثاق، ونتعهد باحترامه وتطبيقه نصا وروحا، في كل ما يتصل بعلاقتنا بالآخرين وفيما بيننا.

أولا: مبادئ عامة

1- حرية الصحافة من حرية الوطن، والتزام الصحفيين بالدفاع عن حرية الصحافة واستقلالها عن كل مصادر الوصاية والرقابة والتوجيه والاحتواء واجب وطني ومهني مقدس.

2- الحرية أساس المسئولية، والصحافة الحرة هي الجديرة وحدها، بحمل مسئولية الكلمة وعبء توجيه الرأي العام على أسس حقيقية.

3- حق المواطنين في المعرفة هو جوهر العمل الصحفي وغايته، وهو ما يستوجب ضمان التدفق الحر للمعلومات، وتمكين الصحفيين من الحصول عليها من مصادرها، وإسقاط أي قيود تحول دون نشرها والتعليق عليها.

4- الصحافة رسالة حوار ومشاركة، وعلى الصحفيين واجب المحافظة على أصول الحوار وآدابه، ومراعاة حق القارئ في التعقيب والرد الصحيح، وحق عامة المواطنين في حرمة حياتهم الخاصة وكرامتهم الإنسانية.

5- للصحافة مسئولية خاصة تجاه صيانة الآداب العامة وحقوق الإنسان والمرأة، والأسرة والطفولة والأقليات، والملكية الفكرية للغير.

6- شرف المهنة وآدابها وأسرارها، أمانة في عنق الصحفيين، وعليهم التقيد بواجبات الزمالة في معالجة الخلافات التي  تنشأ بينهم أثناء العمل أو بسببه.

7- نقابة الصحفيين هي الإطار الشرعي الذي تتوحد فيه جهود الصحفيين دفاعا عن المهنة وحقوقها، وهى المجال الطبيعي لتسوية المنازعات بين أعضائها وتأمين حقوقهم المشروعة.

وتضع النقابة ضمن أولوياتها العمل على مراعاة الالتزام بتقاليد المهنة وآدابها ومبادئها، وإعمال ميثاق الشرف الصحفي، ومحاسبة الخارجين عليه طبقا للإجراءات المحددة المنصوص عليها في قانون النقابة وقانون تنظيم الصحافة.

ثانيا: الالتزامات والحقوق

يلتزم الصحفي  بالواجبات المهنية التالية:

1- الالتزام فيما ينشره بمقتضيات الشرف والأمانة والصدق، بما يحفظ للمجتمع مثله وقيمه، وبما لا ينتهك حقا من حقوق المواطنين، أو يمس إحدى حرياته.

2- الالتزام بعد الانحياز في كتاباته إلى الدعوات العنصرية أو المتعصبة أو المنطوية على امتهان الأديان أو الدعوة إلى كراهيتها، أو الطعن في إيمان الآخرين، أو تكل الداعية إلى التمييز أو الاحتقار لأي من طوائف المجتمع.

3- الالتزام بعد نشر الوقائع مشوهة أو مبتورة، وعدم تصريها أو اختلافها على نحو غير أمين.

4- الالتزام بتحري الدقة في توثيق المعلومات، ونسبة الأقوال والأفعال إلى مصادر معلومة كما كان ذلك متاحا أو ممكنا طبقا للأصول المهنية السليمة التي تراعى حسن النية.

5- الالتزام بعدم استخدام وسائل النشر الصحفي  في اتهام المواطنين بغير سند، أو في استغلال حياتهم الخاصة للتشهير بهم أو تشويه سمعتهم أو لتحقيق منافع شخصية من أي نوع.

6- كل خطأ في نشر المعلومات يلتزم ناشره بتصحيحه فور إطلاعه على الحقيقة وحق الرد والتصحيح مكفول لكل من يتناولهم الصحفي ، على ألا يتجاوز ذلك الرد أو التصحيح حدود  الموضوع، وألا ينطوي  على جريمة يعاقب عليها القانون، أو مخالفة للآداب العامة، مع الاعتراف بحق الصحفي  في التعقيب.

7- لا يجوز للصحفي العمل في جلب الإعلانات أو تحريرها ولا يجوز له الحصول على أي مكافأة أو ميزة مباشرة أو غير مباشرة عن مراجعة أو تحرير أو نشر الإعلانات، وليس له أو يوقع باسمه مادة إعلانية.

8- لا يجوز نشر أي إعلان تتعارض مادته مع قيم المجتمع ومبادئه وآدابه العامة، أو مع رسالة الصحافة، ويلتزم المسئولون عن النشر بالفصل الواضح بين المواد التحريرية والإعلانية، وعدم تجاوز النسبة المتعارف عليها دوليا للمساحة الإعلانية في الصحيفة على حساب المادة التحريرية.

9- يحظر على الصحفي استغلال مهنته في الحصول على هبات أو إعانات أو مزايات خاصة من جهات أجنبية أو محلية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

10- يمتنع الصحفي  عن تناول ما تتولاه سلطات التحقيق أو المحاكمة في الدعاوى الجنائية أو المدنية، بطريقة تستهدف التأثير على صالح التحقيق أو سير المحاكمة، ويلتزم الصحفي  بعد إبراز أخبار الجريمة وعدم نشر أسماء وصور المتهمين أو المحكوم عليه في جرائم الأحداث.

11- احترام حق المؤلف واجب عند اقتباس أي أثر من آثاره ونشره.

12- الصحفيون مسئولون مسئولية فردية وجماعية رؤساء كانوا أو مرؤوسين عن الحفاظ على كرامة المهنة وأسرارها ومصداقيتها، وهم ملتزمون بعد التستر على الذين يسيئون  إلى المهنة أو الذين يخضعون أقلامهم للمنفعة الشخصية.

13- يمتنع الصحفيون في علاقاتهم المنية عن كافة أشكال التجريح الشخصي، والإساءة المادية أو المعنوية، بما في ذلك استغلال السلطة أو النفوذ في إهدار الحقوق الثابتة لزملائهم، أو في مخالفة الضمير المهني.

14- يلتزم الصحفيون بواجب التضامن دفاعا عن مصالحهم المهنية المشروعة، وعما تقرره لهم القوانين من حقوق ومكتسبات

ويتمسك الصحفي  بما يلي من حقوق باعتبارها التزامات واجبة الاحترام من الأطراف الأخرى تجاهه:

1- لا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو المعلومات الصحيحة التي ينشرها سببا للمساس بأمنه كما لا يجوز إجباره على إفشاء مصادر معلوماته وذلك كله في حدود القانون.

2- لا يجوز تهديد الصحفي ، أو ابتزازه بأي طريقة، في سبيل نشر ما يتعارض مع ضميره المهني، أو لتحقيق مآرب خاصة بأي جهة أو لأي شخص.

3- للصحفي الحق في الحصول على المعلومات والأخبار من مصادرها والحق في تلقي الإجابة عما يستفسر عنه من معلومات وإحصائيات وأخبار وحقه في الإطلاع على كافة الوثائق الرسمية غير المحظورة.

4- لا يجوز  حرما ن الصحفي  من أداء عمله أو من الكتابة دون وجه حق، أو نقله إلى عمل غير صحفي، أو داخل المنشأة الصحفية التي يعمل بها، بما يؤثر على أي من حقوقه المادية والأدبية المكتسبة.

5- لا يجوز منع الصحفي  من حضور الاجتماعات العامة والجلسات المفتوحة ما لم تكن مغلقة أو سرية  بحكم القانون.

6- عدم التسامح في جريمة إهانة الصحفي  أو الاعتداء عليه بسبب عمله، باعتبارها عدوانا على حرية الصحافة وحق المواطنين في المعرفة.

7- ضمان أمن الصحفي  وتوفير الحماية اللازمة له أثناء قيامه بعمله في مواقع الأحداث ومناطق الكوارث والحروب.

8- حق الكشف عن الذين يدخلون على الصحفي  الغش في الأنباء والمعلومات، ومن ينكرون ما أدلوا ليتحملوا المسئولية عن ذلك.

ثالثا : إجراءات تنفيذية

انطلاقا من الإرادة الحرة التي أملت على الصحفيين المصريين إصدار ميثاق للشرف الصحفي ، ووفاء وتمسكا منهم بكل ما يرتبه من التزامات وحقوق متكافئة ـ نتعهد باعتبار أحكام هذا الميثاق بمثابة دستور أخلاقي للأداء الصحفي  والسلوك المهني المسئول.

وتنفيذا كلك ذلك نقرر:

1 – كل مخالفة لأحكام هذا الميثاق تعد انتهاكا لشرف مهنة الصحافة وإخلالا بالواجبات المنصوص عليها في قانون نقابة الصحفيين رقم 76 لسنة 1970 وقانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996.

2- يتولى مجلس نقابة الصحفيين النظر في الشكاوى التي ترد إليه بشأن مخالفة الصحفيين لميثاق الشرف الصحفي  أو الواجبات المنصوص لعيها في قانون النقابة أو قانون تنظيم الصحافة ويطبق في شأنها الإجراءات والأحكام الخاصة بالتأديب  المنصوص عليها في المواد من 75 إلى 88 من  قانون النقابة.

3- يحيل نقيب الصحفيين بعد العرض على مجلس النقابة الصحفي  الذي ينسب إليه المخالفة تأديبية إلى لجنة التحقيق المنصوص عليها في المادة 80 من قانون النقابة بتشكيلها الوارد في المادة 36 من قانون تنظيم الصحافة على أن تنتهي اللجنة من إجراء التحقيق خلال ثلاثين يوما ولها أن تستأذن مجلس النقابة إذا رأت لحاجة التحقيق إلى مدة أطول.

4- تتشكل هيئة التأديب الابتدائية على النحو الوارد بالمادة 37 من قانون تنظيم الصحافة ويتولى رئيس لجنة التحقيق توجيه الاتهام أمامها إلى من تتوافر في حقه أدلة كافية على ارتكاب المخالفة.

5- للهيئة التأديبية الابتدائية أن توقع على من تثبت مخالفته لأحكام القانون أو ميثاق الشرف الصحفي  إحدى العقوبات التأديبية التالية:

أ ـ الإنذار

ب ـ الغرامة

ج ـ المنع من مزالة المهنة مدة لا تتجاوز سنة.

د ـ شطب الاسم من جدول النقابة.

6 – تستأنف قرارات هيئة التأديب الابتدائية أمام هيئة التأديب الاستئنافية المنصوص عليها في المادة 82 من قانون النقابة ويرفع الاستئناف خلال 15 يوما من تاريخ إبلاغ الصحفي  بقرار هيئة التأديب الابتدائية.

7 – يلتزم مجلس نقابة الصحفيين بتسليم جميع أعضاء النقابة المقيدين بجدولي المشتغلين وتحت التمرين صورة من الميثاق كما يلتزم بتسليم صورة منه إلى كل من تقبل أوراق قيده مستقبلا في النقابة.

مبادئ الدستورية العليا وحرية التعبير


مبادىء المحكمة الدستورية العليا بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 6 لسنة 15 قضائية "دستورية " عن حرية التعبير

- إن حرية التعبير ذاتها تفقد قيمتها إذا جحد المشرع حق من يلوذون بها فى الاجتماع المنظم . وحجب بذلك تبادل الآراء فى دائرة أعرض ، بما يحول دون تفاعلها وتصحيح بعضها البعض ، ويعطل تدفق الحقائق التى تتصل باتخاذ القرار ، ويعوق انسياب روافد تشكيل الشخصية الإنسانية التى لايمكن تنميتها إلا فى شكل من أشكال الاجتماع .

- وحيث إن ماتوخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير ، هو أن يكون التماس الآراء والأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها اليه ، غير مقيد بالحدود الإقليمية عليه اختلافها ، ولامنحصر فى مصادرة بذواتها تعد من قنواتها ، بل قصد أن تترامي آفاتها ، وأن تتعدد مواردها وأدواتها ، وأن تنفتح مسالكها ، وتفيض منابعها .

- وحيث إن ضمان الدستور - بنص المادة 47 منه - لحرية التعبير عن الآراء ، والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير ، قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التى لايتم الحوار المفتوح إلا فى نطاقها . وبدونها تفقد حرية الاجتماع مغزاها ، ولاتكون لها من فائدة . وبها يكون الأفراد أحرارا لايتهيبون موقفا ، ولايترددون وجلا ، ولا ينتصفون لغير الحق طريقا .

- وحيث إن حرية التعبير التى تؤمنها المادة 47 من الدستور ، أبلغ ماتكون أثراً فى مجال اتصالها بالشئون العامة ، وعرض أوضاعها تبياناً لنواحي التقصير فيها ، وتقويما لإعوجاجها ، وكان حق الفرد فى التعبير عن الآراء التى يريد إعلانها ، ليس معلقا عليه صحتها ، ولامرتبطا بتمشيها مع الاتجاه العام فى بيئة بذاتها ، ولا بالفائدة العملية التى يمكن أن تنتجها . وإنما أراد الدستور بضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها عليه مظاهر الحياة فى أعماق منابتها ، بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها علي العقل العام ، فلا تكون معاييرها مرجعاً لتقييم الآراء التى تتصل بتكوينه ، ولا عائقاً دون تدفقها •

- وحيث إن من المقرر كذلك إن حرية التعبير ، وتفاعل الآراء التى تتولد عنها ، لايجوز تقيدها بأغلال تعوق ممارستها ، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة عليه نشرها ، أو من ناحية العقوبة اللاحقة التى تتوخي قمعها . بل يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها -وعلانية - تلك الأفكار التى تجول فى عقولهم ، فلا يتهامسون بها نجيا ، بل يطرحونها عزماً ولو عارضتها السلطة العامة - إحداثا من جانبهم - وبالوسائل السلمية - لتغيير قد يكون مطلوبا • فالحقائق لايجوز إخفاؤها ، ومن غير المتصور أن يكون النفاذ اليها ممكنا فى غيبة حرية التعبير • كذلك فإن الذين يعتصمون بنص المادة 47 من الدستور ، لايملكون مجرد الدفاع عن القضايا التى يؤمنون بها ، بل كذلك اختيار الرسائل التى يقدرون مناسبتها وفعاليتها سواء فى مجال عرضها أو نشرها ، ولو كان بوسعهم إحلال غيرها من البدائل لترويجها • ولعل أكثر مايهدد حرية التعبير، أن يكون الإيمان بها شكليا أو سلبيا • بل يتعين أن يكون الإصرار عليها قبولاً بتبعاتها ، وألا يفرض أحد عليه غيره صمتا ولو بقوة القانون .

- أن حرية التعبير التى كفلها الدستور ، هى القاعدة فى كل تنظيم ديموقراطى ، لايقوم إلا بها . ولايعدو الإخلال بها أن يكون إنكاراً لحقيقة أن حرية التعبير لايجوز فصلها عن أدواتها ، وإن وسائل مباشرتها يجب أن ترتبط بغاياتها ، فلا يعطل مضمونها أحد ، ولايناقض الأعراض المقصودة من إرسائها .

مبادئ دستورية حرية التعبير

[الفقرة رقم 10 من الطعن رقم 77 سنة قضائية 19 مكتب فني 8 تاريخ الجلسة 07 / 02 / 1998 - صفحة رقم 1165]

إن حرية التعبير تمثل فى ذاتها قيمة عليا لا تنفصل الديمقراطية عنها ، وإنما تؤسس الدول على ضوئها مجتمعاتها صوناً لتفاعل مواطنيها معها ، بما يكفل تطوير بنيانها وتعميق حرياتها ، وإن جاز القول بأن لحرية التعبير أهدافها التى يتصدرها بناء دائرة للحوار العام لا تنحصر آفاقها ولا أدواتها ، تدنى الحقائق إليها فلا يكون التعبير عن الآراء حائلاً دون مقابلتها ببعض وتقييمها ، ولا مناهضتها لآراء قبلها آخرون ، مؤدياً إلى تهميشها ، ولا تلقيها عن غيرها مانعاً من ترويجها أو مقصوراً على بعض جوانبها ، ولا تدفقها من مصادر تزدريها مستوجباً إعاقتها أو تقييدها . كذلك فإن إنمائها للشخصية الفردية وضمان تحقيقها لذاتها ، إنما يدعم إسهامها فى أشكال من الحياة تتعدد ملامحها بما يكفل حيويتها وترابطها ، فلا يكون تنظيمها مقتضياً إلا اقل القيود التى تفرضها الضرورة . إن حرية التعبير ــ وكلما كان نبضها فاعلاً وتأثيرها عريضاً ــ هى الطريق لبناء نظم ديمقراطية تتعدد معها مراكز إتخاذ القرار ، تتسم بتسامحها مع خصومه

ا ، ومسئوليتها قبل مواطنيها ، وبرفضها لكل قيد يخل بمصداقيتها ، وإستجابتها بالإقناع لإرادة التغيير ، وطرحها من خلال الحوار لبدائل يفاضلون بينها لاختيار أصلحها ، أيا كان مضمونها . ما تقدم مؤداه ، أن الآراء على إختلافها لا يجوز إجهاضها ، ولا مصادرة أدواتها ، أو فصلها عن غاياتها ، ولو كان الآخرون لا يرضون بها ، أو يناهضونها ، أو يرونها منافية لقيم محدودة أهميتها يروجونها ، أو يحيطون ذيوعها بمخاطر يدعونها ، ولا يكن لها من وضوحها وواقعها ، ما يبرر القول بوجودها . إن المشرع وكلما تدخل بلا ضرورة ، لتقييد عرض آراء بذواتها بقصد طمسها أو التجهيل بها بالنظر إلى مضمونها Content-based abridgments ، كان ذلك إصماتاً مفروضاً بقوة القانون فى شأن موضوع محدد إنتقاه المشرع إنحيازاً ، مائلاً بالقيم التى تحتضنها حرية التعبير عن متطلباتها التى تكفل تدفق الآراء وإنسيابها بغض النظر عن مصدرها أو محتواها ، ودون ما إعتداد بمن يتلقونها أو يطرحونها ، وبمراعاة أن الحق فى الحوار العام ، يفترض تساويها فى مجال عرضها وتسويقها . إن إكراه البعض على القبول بآراء يعارضونها أو تبنيها ، لا يقل سوءاً عن منعهم من التعبير عن آراء يؤمنون بها أو يدعون إليها ، وهو ما يعنى أن الحمل على إعتناق بعض الآراء ، أو إقماع غيرها ، سوءتان تناقضان مفهوم حوار يقوم على عرض الأفكار وتبادلها والاقناع بها . كذلك فإن موضوعية الحوار ــ وعلى الأخص كلما كان بناء ــ شرطها شفافية العناصر التى يدور الجدل حولها ، بما يحول دون حجبها أو تشويهها أو تزييفها . وتعلق مفهوم الحوار بالقبول بآراء أو برفضها بعد موازنتها ببعض ، وعلى ضوء حقائقها وحكم العقل بشأنها ، مؤداه أن كل أقوال يكون بها الحوار منتفياً ، كتلك التى تحرض على إستعمال القوة إستثارة لنوازع العدوان عند من يتلقونها ، وإضراراً بالآخرين ، لا يجوز أن تتخذ من حرية التعبير سنداً ، تقديراً بأن مفهوم عرض الآراء والأفكار من أجل تقييمها ــ على ضوء صحتها أو بهتانها ــ منحسر عنها ، فضلاً عن إقترانها بمضار لا يجوز القبول بها .

[الفقرة رقم 12 من الطعن رقم 77 سنة قضائية 19 مكتب فني 8 تاريخ الجلسة 07 / 02 / 1998 - صفحة رقم 1165]

حرية التعبير ــ فى مضمونها الحق ــ تفقد قيمتها إذا جحد المشرع حق من يلوذون بها فى الاجتماع المنظم ، وحجب بذلك تبادل الآراء فى دائرة أعرض ، بما يحول دون تفاعلها وتصحيح بعضها البعض ، ويعطل تدفق الحقائق التى تتصل باتخاذ القرار ، وكذلك تشكيل روافد الشخصية الإنسانية التى لا يمكن تنميتها إلا فى شكل من أشكال الاجتماع . بل إن حرية القول والصحافة والعقيدة وتقديم العراض ، لا يمكن ضمانها ضماناً كافياً إلا عن طريق إجتماع تتكتل فيه الجهود للدفاع عن مصالح بذواتها ، يكون صونها لازماً لإثراء ملامح من الحياة يراد تطويرها إجتماعياً أو إقتصادياً أو سياسياً ، بما يكفل تنزع مظاهرها وإتساع دائرتها من خلال تعدد الآراء التى تطرح على مسرحها .

[الفقرة رقم 3 من الطعن رقم 2 سنة قضائية 16 مكتب فني 7 تاريخ الجلسة 03 / 02 / 1996 - صفحة رقم 470]

إن حرية التعبير التى تؤمنها المادة 47 من الدستور أبلغ ما تكون أثراً فى مجال اتصالها بالشئون العامة وعرض أوضاعها ؛ وكان حق الفرد فى التعبير عن الآراء التى يريد إعلانها ، ليس معلقاً على صحتها ، ولا مرتبطاص بتمشيها مع الاتجاه العام فى بيئة بذاتها ، ولا بالفائدة العملية التى يمكن أن تنتجها ؛ وإنما أراد الدستور بضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها على مظاهر الحياة فى أعماق منابتها بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها على العقل العام Public Mind فلا تكون معاييرها مرجعاً لتقييم الآراء التى تتصل بتكوينه ولا عائقاً دون تدفقها . وكذلك فإن الذين يعتصمون بنص المادة 47 من الدستور لا يملكون مجرد الدفاع عن القضايا التى يؤمنون بها بل كذلك اختيار الوسائل التى يقدرون مناسبتها وفعاليتها سواء فى مجال عرضها أو نشرها ولو كان بوسعهم إحلال غيرها من البدائل لترويجها .

[الفقرة رقم 6 من الطعن رقم 2 سنة قضائية 15 مكتب فني 8 تاريخ الجلسة 04 / 01 / 1997 - صفحة رقم 241]

البين من الأحكام التى إنتظمها القانون رقم 35 لسنة 1978 المشار إليه ، تغييها صون حرية الإبداع من خلال أدواتها فى قطاع المهن التمثيلية والسنمائية والموسيقية ، ليكون لكل منها نقابتها التى ترعى مصالح أعضائها العاملين بها ، وتكفل لمواهبهم وملكاتهم الذهنية الفرص التى تلائمها ، وعلى الأخص من خلال تشجيعها وتقرير المزايا التى تخصها ، وكان الإبداع بذلك لا ينفصل عن حرية التعبير ، بل هو من روافدها ، يتدفق عطاءاً عن طريق قنواتها ويتمحض فى عديد من صوره ــ حتى ما كان منها رمزياً ــ عن قيم وآراء ومعان يؤمن المبدعون بها ويدعون إليها ، ليكون مجتمعهم أكثر وعياً ، وبصر أفراده أحد نفاذاً إلى الحقائق والقيم الجديدة التى تحتضنها . ومن ثم كان الإبداع عملاً إنشائياً إيجابياً ، حاملاً لرسالة محددة ، أو ناقلاً لمفهوم معين ، مجاوزاً حدود الدائرة التى يعمل المبدع فيها ، كافلاً الاتصال الآخرين تأثيراً فيهم ، وإحداثاً لتغيير قد لا يكون مقبولاً من بعض فئاتهم . وما ذلك إلا لأن حرية التعبير لا يجوز فصلها عن أدواتها ، وأن وسائل مباشرتها يتعين أن ترتبط بغاياتها ، فلا يعطل مضمونها أحد ، ولا يناقض الأغراض المقصودة من إرسائها . ولا يتصور بالتالى أن يكون الإبداع على خلافها ، إذ هو من مداخلها ، بل أن قهر الإبداع عدواً مباشراً عليها ، بما مؤداه أن حرية التعبير عن الآراء ونشرها بكل الوسائل المنصوص عليها فى المادة 47 من الدستور ، إنما تمثل الإطار العام لحرية الإبداع التى بلورها بنص المادة 49 بما يحول دون عرقلتها ، بل إنها توفر إنفاذ محتواها وسائل تشجيعها . ليكون ضمانها التزاماً على الدولة بكل أجهزتها .

منقول من  موقع (صحفيون متحدون)